فصل: الفصل الحادي والعشرون تشريح الرسغ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تشريح القانون (نسخة منقحة)



.الفصل الحادي والعشرون تشريح الرسغ:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
الرسغ مؤلف من عظام كثيرة.
إلى آخر الفصل.
الشرح:
قد خلق مشط الكف من عظام كثيرة المنافع هناك: إحداهما: أن لا يعم ما يعرض من الآفات.
وثانيتها: ليمكن أن يتقعر تارة ويتسطح أخرى.
وذلك بحسب الحاجة إلى التشكل بشكل المقبوض وهذه الحركة خفية جدًّا لأن مفاصلها موثقة.
وثالثتها: ليكون لما ينفذ من ظاهر الكف إلى باطنه وبالعكس من العصب والعروق منفذ.
وخلق من عظام صلاب عديمة المخ.
أما صلابتها فلقلة الحاجة فيها إلى الحركة وأما فقدانها المخ فلأنها لإفراط صغرا لا تحتمل التجويف وأشكالها مختلفة وذلك لأن فيها مواضع محدبة ومواضع مقعرة ومواضع مستديرة ومواضع مستقيمة وكلها محدبة الخارج مقعرة الداخل للسبب الذي نذكره في الأنامل.
وهي مشدودة برباطات قوية بين الغضروفية والعصبية وتحدث بينها مفاصل موثقة وبعضهم ظن أنها ملتحمة بعضها ببعض.
وعددها ثمانية ثلاثة منها في الصف الذي يلي الساعد تجتمع أطرافها لتكون كالعظم الواحد ويدخل المجتمع منها في الحفرة التي في رأس الزندين بحيث يكون الأعظم منها وهو الوسط في الحد المشترك الذي بين الزندين والثالث منها: يحتوي عليه الزند الأعلى ويحدث هناك مفصل سلسل بحركة الكف انقباضًا وانبساطًا.
وأربعة في الصف الذي يلي مشط الكف وإنما زيد هذا لأنه يلقى عظامًا أربعة منفرجة انفراجًا ما. فاحتيج أن يكون بعددها وقريبًا من انفراجها.
وأما الصف الأول: فإنه يلقى طرف الزندين وهو دقيق بالنسبة إلى عظام المشط فخلق لذلك ثلاثة عظام منضمة.
والأعلى من كل صف أكثر انفراجًا مما هو منه أسفل.
وأما العظم الثامن فليس يدخل في أحد الصفين بل هو في الحقيقة للرسغ كالزائد وهو موضوع نحو الخنصر وفي طرف الأسفل نقرة يدخل فيها رأس العظم المسمى مسلة وميلًا.
وهو الخارج من وراء الحفرة التي في طرف الزندين.
وبالمفصل الحادث بينهما حر تتم حركة الكتف في الانقلاب والانبطاح وهذا العظم يوقي عصبه باقي الكف لئلا تنالها آفة ومعظم المقصود به إنما حدوث مفصل الانقلاب والانبطاح الذي ذكرناه. والله ولي التوفيق.

.الفصل الثاني والعشرون تشريح مشط الكف:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
ومشط الكف أيضًا مؤلف.
إلى آخر الفصل:
الشرح:
وقد كثرت عظام المشط للمنافع التي ذكرناها في عظام الرسغ ولكن هذا صف واحد وذاك صفان وإنما لم يخلق هذا صفين لئلا يطول الكف جدًّا فيكون قبضه واهيًا ويبعد عن الهيئة الكرية عند القبض ومفاصل هذه العظام عسرة غير موثقة.
وقوله: هاهنا وهذه العظام موثقة المفاصل يعني بهذا الإيثاق بالمفهوم اللغوي لا المعنى المصطلح عليه الذي تقدم ذكره.
لأنه قال في أول كلامه في العظام: والمفصل العسر غير الموثق هو أن تكون حركة أحد العظمين وحده صعبة وقليلة المقدار مثل المفصل الذي بين الرسغ والمشط أو مفصل ما بين عظمين من عظام المشط فلذلك حركة هذه العظام أظهر كثيرًا من حركة عظام الرسغ.
وأما قول جالينوس: إن مفاصل ما بين الرسغ والمشط موثقة فإن اصطلاحه أن المفصل الموثق هوا لذي تكون حركة أحد عظميه خفية.
والله ولي التوفيق.

.الفصل الثالث والعشرون تشريح الأصابع:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
الأصابع آلات تعين.
إلى آخر الفصل.
الشرح:
إنما سنذكر بعد فراغنا من شرح تشريح العظام بحثًا مفردًا في اختلاف الحيوانات في الأعضاء الطرفية.
والذي نقوله الآن: إن الإنسان إنما احتيج أن تكون يداه على ما نصفه من إحكام التركيب وكثرة جهات الحركات لأن ملبسه ومأكله وسلاحه كل ذلك صناعي فيحتاج أن يكون له تمكن من مباشرةً أعمال الصناعات أكثر من غيره وعمله بذلك أكثره باليدين فيجب أن تكون يداه أكثر إحكامًا وتفننًا في الحركات من سائر أنواع الحيوان وأصابع الإنسان إن لم تكن ذوات عظام لم تكن قوية على الأعمال.
وإن كانت ذوات عظام فإما أن تكون كل واحدة من عظم واحد فلا يكون لها تفنن كثير في جهات الحركات أو من عظام كثيرة فأما أكثر من ثلاثة فيكون تركيبها واهيًا بقدر الزيادة على الثلاثة أو أقل من ثلاثة فتكون جهات الحركات وتفننها أقل بقدر ما نقص عن الثلاثة.
ولذلك كان الأولى أن تكون كل واحدة منها من ثلاثة عظام لأن هذا التركيب كفى في القوة وجهات الحركات وتفننها وتسمى هذه العظام سلاميات ولما كان الحامل يجب أن يكون أقوى من المحمول وجب أن تكون هذه العظام كل سلامية أنملة أصغر مما دونها ورأس كل سلامية أصغر من قاعدتها ويجب أن تكون صغارًا جدًّا لئلا تثقل الأصابع وتغلظ فيعسر دوام حركتها ويجب أن يكون صلبًا لتكون قوية فلا تنكسر عند مباشرة الأشياء الصلبة والحركات القوية ويجب أن تكون قاعدة التجويف والمخ لأجل إفراط صغرها ويجب أن تكون مستديرة لتبعد عن منال الآفات.
ولم يمكن أن تكون محدبة من داخل لئلا تفوت جودة القبض على الأشياء لأن المقعر أعون على جودة القبض بسبب جودة اشتماله وكذلك هو أجود فيما يحتاج إليه من الحركات الدلك والغمز ونحو ذلك فخلقت مقعرة من داخل محدبة من خارج لفقدان الحاجة إلى هذه الأغراض من خارج مع أن المحدب مما تقل معه عروض الآفات وأصبر على ملاقاة المصادمات وخلقت مستقيمة لأن ذلك أمكن في الأعمال إذ لو كانت معقفة لم يمكن اشتمالها لجميع أجزائها على ذوات الأحجام الكبار ولم يجعل لبعضها عند بعض تحديب لئلا يعرض بينهما خلل يمنع من ضبط السيالات والأشياء المفرطة الصغر وخلق للخنصر والإبهام تحديب من غير جهة الأصابع لتكون اليد عند القبض مستديرة فيكون أو سع وأبعد عن قبول الآفات وفائدة اللحم الذي عليها أن يدعمها فلا يكون تركيبها واهيًا وأكثر ذلك من داخل السطح ليكون لذلك السطح أن يتشكل بشكل المقبوض فيكون اشتماله عليه أتم وأقله من خارج لفقدان هذا الغرض هناك وليكون الضرر بخارجها أكثر إيلامًا عند اللكم ونحوه.
ولئلا يزداد ثقلها فتضعف حركاتها وأما في جانبي الأصابع فإن اللحم بقدر وسط أما نقصانه عن الباطن فلفقدان الغرض منه وأما زيادته على ما في الظاهر فليسد الخلل الذي قد يقع بين الأصابع فيجود قبض الأشياء الصغيرة جدًّا والسيالة ولهذا وفي لحم الأنامل ليجود سده لما يحدث من الخلل عند رؤوسها حالة القبض وليجود إمساك الأشياء الصغيرة جدًّا لأن اللحم يتشكل بشكل ذلك الممسوك ويحفظه عن السقوط ولذلك لا يجود إمساك ما صغر برؤوس الأظفار ولما وجب أن تكون جملة اليد عند القبض على هيئة مستديرة وجب أن تكون الوسطى منها أعظم وكذلك ما يليها من الجانبين وصغرت الأطراف لأن هذه الهيئة تلزمها الاستدارة حال القبض ولو خلقت على طول واحد لزم ذلك أن يكون عند القبض غير متساوية وضع الأطراف فتبقى عند طرف الوسطى خلل كبير ودونه عند أطراف ما يليها من الجانبين ولما وجب أن تكون الوسطى أطول وجب أن تكون عظامها أطول.
وأما ما يجب أن يكون قصيرًا فإن كان وضعه على صف الطويل كما في الخنصر وجب أن تكون عظامه أصغر وأما ما لا يكون كذلك كالإبهام جاز أن يكون في نفسها طويلة وعظامها طوالًا لكن بخروج موضع أصلها عن الصف إلى أسفل تكون في حكم القصيرة والقصيرة الأجزاء وخلقت البنصر أطول من السبابة لأن السبابة يكون طرفها عند القبض على اللحم الناتئ بقرب أصل الإبهام والسبابة يكون طرفها حينئذ بين اللحمين النابتين وإنما كان كذلك لأن هذه المواضع بحذاء هذه الأصابع ولم يجعل لبعض الأصابع عند بعض فرجة كبيرة إلا الإبهام.
فإنه أبعد ما بينه وبين الأصابع الأربع.
وذلك لأنه كان ينبغي أن تكون الأصابع من كل جهة حتى تكون مشتملة على المقبوض من كل جهة.
ولكن كان يلزم ذلك ثقل الكف وأن تكون استدارة اليد بجملتها على المستديرات ونحوها غير جيدة فخلفت الإبهام قائمة مقام أصابع مقابلة لهذه الأربع ومع أنه لا يلزمها ذلك وذلك لأن هذه الأصابع الأربع إذا اشتملت على المقبوض من جهة قاومها الإبهام من الجهة المقابلة لها فقام مقام أصابع موضوعة في الجهة المقابلة لهذه الأصابع وإنما يمكن ذلك بأن يكون ما بينها متباعدًا ليكون في جهة كالمقابلة لهذه الأربع ولذلك خلقت في هذا الموضع المخصوص ولم تربط بالمشط وإلا لم تكن في ذلك الموضع بل كانت تكون قريبة من موضع الأربع فلا يتم ذلك الغرض ولها في هذا الموضع فائدة أخرى وهي أنها تكون كالصمام وهو الذي يغطى به الآنية وذلك لأن الأصابع الأخرى إذا قبضت على شيء بقي أعلاها وهو عند جانب السبابة مفتوحًا فيكون الإبهام إذا جعلت على ذلك الموضع كالغطاء والساتر للمقبوض وفائدة الرطوبة التي في مفاصل الأصابع وغيرها أن تمنع جفاف عظامها وفائدة كون تلك الرطوبة لزجة أن لا تكون بآلة مرخية ولئلا تتحلل لو كانت مائية.
وفائدة الأغشية الغضروفية أن تمنع احتكاك العظام بسبب دوام حركتها وفائدة العظام السمسمانية أن تحفظ وضع كل سلامية لئلا تميل إلى جهة وإنما اختصت مفاصل السلاميات بذلك لأنها أريد أن تكون سلسلة فلم يمكن أن تكون زوائدها شديدة الغوص في نقرها فلا بد وأن تبقى بين أطرافها خلل كثير يخشى ميل العظام إلى الجهات فيكون التركيب واهيًا ولا يمكن ملء أكثر ذلك الخلل بالغضاريف كما في سائر المفاصل السلسلة وذلك لئلا يثقل الأصابع فاحتيج أن تكون بهذه العظام لأن هذه مع حفظها لو ضع السلاميات خفيفة لأنها تكون منفرجة وينبغي أن يكون في كل مفصل أربعة لتمنع الميل إلى الجهات كلها وهذا تقرير ما قالوه وعندي أن هذه العظام لا وجود لها. والله ولي التوفيق.